كتاب الروض المربع الجزء الثاني
إقامة الحدود على أهل الذمة فيما يعتقدون تحريمه
بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح -رحمه الله تعالى-
فصل: في أحكام أهل الذمة ويلزم الإمام عقده أي أخذ عهد الذمة بحكم الإسلام في ضمان النفس والمال والعرض، وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه كالزنا دون ما يعتقدون حله كالخمر؛ لأن عقد الذمة لا يصح إلا بالتزام أحكام الإسلام كما تقدم، وروى ابن عمر اسم> رضي الله تعالى عنهما رسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بيهوديين قد فجرا بعد إحصانهما فرجمهما رسم> .
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد اسم> هذا الفصل في أحكام لأهل الذمة؛ وقد عرفنا أن أهل الذمة هم اليهود أو النصارى أو المجوس؛ الذين يدخلون في ذمة الإسلام، ويعطون ذمة وعهدا على أن يقروا على دينهم ويبذلوا جزية ويلتزموا صغارا، ويكونون بين المسلمين، ويبقون في بلادهم وعلى دينهم، ولهم أحكام وقد ذكرت في كتب الأحكام وأفردت بالتأليف، ولابن القيم اسم> كتاب بعنوان: أحكام أهل الذمة مطبوع في مجلدين، ولم يوجد كاملا.
يمكن أن المفقود أيضا مثل الموجود، وقد كتب عمر اسم> رضي الله عنه أحكاما يلتزمونها؛ يلتزمون بها. حديث مروي في سنن البيهقي اسم> وفي غيره، ذكره ابن كثير اسم> عند تفسير قوله تعالى في سورة التوبة: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولا شك أن هذا من آثار دخولهم تحت حكم الإسلام. لما أنهم التزموا أن يدخلوا تحت حكم الإسلام، كان من آثار ذلك خضوعهم لهذا الأمر؛ الذل والانكسار والصغار، واعترافهم بفضل الإسلام وبفضل المسلمين وبمكانة المسلمين، اعترافهم بذلك. كل هذا مما يلزمهم العمل به؛ فيلزم الإمام أخذهم بحكم الإسلام في النفس والمال والعرض، وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه دون ما يعتقدون حله. فمن أحكام الإسلام: القصاص. فإذا حصل بينهم شيء مما يوجب القصاص؛ فإنهم إذا تحاكموا إلينا وحكمنا بينهم فإننا نحكم بينهم بشرع الله.
يقول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك يحكم بينهم أيضا وبين المسلمين. إذا حصل بينهم وبين المسلمين خصومة؛ فإننا نحكم بينهم بحكم الله تعالى بما يوافق شرع الله؛ سواء في النفس أو فيما دون النفس، إلا أنه رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ذلك من أسباب إظهار العدل؛ إذا رأوا أن المسلمين يعدلون فيهم كان هذا مما يحملهم على الاعتراف بفضل الإسلام، وكذلك أيضا إذا أتلف شيء من أموالهم فإنه يُغرم وإذا أتلفوا شيئا من أموال المسلمين فإنهم يَغرمونه، وإذا اختلفوا مع مسلم في شيء من المال فإنه يحكم بينهم؛ يحكم بينهم بالعدل، وبما يوافق حكم الإسلام، وهكذا مثلا في الحدود.
فإذا قذف واحد منهم فعليه حد القذف، وإذا قُذف فله حق المطالبة بمن قذفه أن يقام عليه الحد؛ إذا قذف بالزنا أقيم عليه حد القذف وهو الجلد، وإذا قذف فذلك القاذف إذا لم يكن هناك شبهة وكان هناك ما يبرر كذبه فإنه يقام عليه الحد أو يعزَّر.
وكذلك حد الزنا يقام عليهم؛ إذا زنى ذمي بذمية فإنه يقام عليهم الحد، والحد هو أنه إن كان محصنا يرجم، وإن كان غير محصن فإنه يجلد أو يجلد ويغرب؛ والدليل هذا الحديث الذي ذكر فيه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b1.gif)
يقتصر على الحد الذي يعترفون به، بأنه في دينهم محرم، والذي يتولى ذلك هو الإمام؛ الذي يتولى تنفيذ هذه الحدود، أو نائب الإمام. ثم معلوم أن التحاكم يكون بعدما يحصل بينهم خصام بأنفسهم أو بينهم وبين المسلمين. نعم.
مسألة>